الدکتور السید ابوالقاسم الحسینی
ترجمة: ناصر النجفي
يعتبر زمن الطفولة في المقاييس الاسلامية قاعدة للرشد و التكامل، ويعدّ مستقبل الفرد منوطاً بذلك تماماً. و نظراً الى أنّ فلسفة الحياة في هذه الصبغة بلوغ الرشد و التكامل، فقد قدّمت تعليمات وسيعة لكلّ مرحلة من مراحل الحياة، لكي يؤدّي الفرد واجبه المنوط به في كلّ مرحلة، و يسمو بنفسه في كلّ لحظة في مسير التكامل. و يوصي أئمّة المسلمين علیهم السلام وفق هذه الخطّة الشاملة بأنّه من لا يجاهد رغباته النفسية قبل البلوغ و في زمن الطفولة..لا ينال رتبة الفضل و الصلاح في الكبر ، قال الامام علي عليه السلام: “من لم يجهد نفسه في صغره لم ينبل في كبره” (غررالحكم :645) و كلّ وصية تكاملية يدركها الفرد في الصغر فسوف ينعم بها في الكبر. قال الامام الصادق عليه السلام: “قال لقمان : يا بني إن تأدّبت صغيراً انتفعت به كبيراً” (بحارالأنوار، ج5، ص323).
و يحسب الطفل في المدرسة الاسلامية بضعة من الفرد، و وصف بأنّه نتاج الحياة و ثمرتها ، و اعتبر بركة في وجوده .
قال النبي صلی الله عليه و آله و سلّم: “إنّ لكلّ شجرة ثمرة و ثمرة القلب الولد” (نهج الفصاحة:179).
قال النبي صلی الله عليه و آله و سلّم: “بيت لا صبيان فيه لا بركة فيه” (نهج الفصاحة:220).
و لم يقدّم تعليم و تربية الطفل و الحدث و تأديبهما في المقاييس الاسلامية بعنوان قاعدة أخلاقية فحسب، بل ذكر بعنوان حقّ يجب مراعاته من قبل الوالدين أيضاً. و قد عيّن الامام السجّاد عليهالسلام في رسالة الحقوق المبسوطة واجباَ لكلّ فرد في حياته اليومية، و ذكر في فقرة من فقراتها حقّ الولد على الوالد، قال فيها: “و أمّا حقّ ولدك، فأن تعلم أنّه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شرّه، و أنّك مسؤول عمّا ولّيته به من حسن الأدب و الدلالة على ربّه عزّوجلّ و المعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الاحسان إليه معاقب على الاساءة إليه”. (مکارم الأخلاق:421)
إنّ الملاحظة البالغة الأهمية في هذه الوصية هي التشديد على دور تشبّه الولد بالوالدين و وجوب الاهتمام بطاقات الطفل في الأمور التربوية.
و جميع أفراد المجتمع في التعليمات الاسلامية مسؤولون عن إرشاد أحدهما الآخر و تسديده، و قد أكّد النبي صلی الله عليه و آله و سلّم هذا الأمر كثيراً. فأيّ من الوالدين مسؤولان بنمط خاص عن أولادهما، وسوف يعاقبان عند التقصير في ذلك. قال رسول الله (ص): “ألا كلّكم راعٍ و كلّكم مسؤول عن رعيّته، فالأمير على الناس راعٍ و هو مسؤول عن رعيّته، و الرجل راعٍ على أهل ببيته و هو مسؤول عن رعيّته، فالمرأة راعية على أهل بيت بعلها و ولده و هي مسؤولة عنهم، ألا فكلّكم راعٍ و كلّكم مسؤول عن رعيّته”. (مجموعة ورّام ، ج1 ص6).